الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
فتاوى في التوحيد
29613 مشاهدة
حكم قصد زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم

س11: بعض الناس يذهب إلى المدينة لقصد زيارة القبر النبوي، فما حكم هذا العمل؟
الجواب: لا يجوز هذا القصد، وإنما يجوز السفر إلى المدينة لقصد الصلاة في المسجد النبوي فهو أحد المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال، والصلاة فيه بألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام .
وقد ورد النهي عن شد الرحال لغير المساجد الثلاثة: المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى فيدخل في النهي سائر البقاع والقبور، فلا تقصد للصلاة فيها أو التبرك بها أو التعبد فيها.
وأما الأمر بزيارة القبور، فإن الحكمة فيه تذكر الآخرة، وهو يحصل بقبور أي بلد، فإنها لا تخلو قرية غالبا من وجود مقابر بفنائها، فزيارة تلك القبور تذكر بالآخرة، وينتفع الأموات بالدعاء لهم.
فأما القبر النبوي فقد ورد النهي عن اتخاذه عيدا، أي: تكرار زيارته كما يتكرر العيد، فقال -صلى الله عليه وسلم- لا تتخذوا قبري عيدا، وصلوا علي حيث كنتم، فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم وقال -صلى الله عليه وسلم- ما من مسلم يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام فيعم ذلك المسلم من قريب أو بعيد.
وأما الأحاديث التي في فضل زيارة قبره -عليه الصلاة والسلام- فكلها ضعيفة أو موضوعة، مثل قوله: من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي، وقوله: من زار قبري، أو قال: من زارني كنت له شفيعا أو شهيدا، وقوله: من زار قبري وجبت له شفاعتي، وقوله: من حج ولم يزرني فقد جفاني. وكلها باطلة لا أصل لها، وقد بين العلماء بطلانها، كما في الرد على الأخنائي لشيخ الإسلام ابن تيمية والرد على السبكي لابن عبد الهادي والرد على النبهاني للألوسي ولا يغتر بمن يروج هذه الأحاديث ويترجمها.
ولا يفهم أن منع زيارته حط من قدره، فإن محبته -عليه السلام- ثابتة في قلوب أتباعه، ولا ينقصها بُعدهم عن قبره. والله أعلم.